فصل: باب: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض} إلى قوله: {لعلكم تعقلون} (النور: 61) والنهد والاجتماع على الطعام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المتواري على أبواب البخاري



.كتاب المرضى:

.باب ما جاء في كفارة المريض:

وقوله تعالى:!{من يعمل سوءا يجز به} [النساء: 123].
فيه عائشة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها».
فيه أبو سعيد وأبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها عن خطاياه».
فيه كعب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفّأ بالبلاء. والفاجر كالأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء».
فيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يصب منه».
قلت: رضي الله عنك! وجه مطابقة الترجمة للآية التنبيه على أن المرض كما يكون مكفراً للخطايا فقد يكون جزاءً لها. والمعنى في تعجيل جزائه بالمرض، وتكفير سيئاته متقارب.

.باب عيادة المغمى عليه:

فيه جابر: مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر- رضي الله عنه-، وهما ماشيان، فوجداني أغمي عليّ فأفقت. الحديث.
قلت: رضي الله عنك! ترجم على هذا الباب لئلا يعتقد أن عيادة المغمى عليه ساقط الفائدة إذ لا يفيق لعائده. وما في الحديث أنهما علما أنه مغمى عليه قبل عيادته. فلعلّه وافق حضورهما. وزعم بعضهم أن عيادة المريض بعينه غير مشروعة، لأن عائده يرى في بيته ما لا يراه هو، فالمغمى عليه أشدّ.

.كتاب الطب:

.باب شرب السمّ، والدواء به، وما يخاف منه:

فيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سمًّا فقتل نفسه فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجاء بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً».
وفيه سعد: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بسبع تمرات عجوة، لم يضّره ذلك اليوم سمّ ولا سحر».
قلت: رضي الله عنك! الحديث الأول مطابق لأول الترجمة والحديث الثاني مطابق لآخرها، لأنه ما بيّن دواءه إلاّ وهو داء. وقد أثبت أنه مضّر بقوله: «لم يضرّه ذلك اليوم سمّ». ومدخله في الفقه جواز إضافة الضرر إلى الأسباب، والضّار والنافع هو الله حقيقة.

.كتاب الأطعمة:

.باب من أكل حتى شبع:

فيه أنس: قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت النبي صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ فأخرجت له أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها فلفّت الخبز ببعضه، ثمّ دسّته تحت ثوبي، وردّتني ببعضه. ثم أرسلتني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت به، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه ناس، فقمت عليهم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آرسلك أبو طلحة؟» فقلت: نعم: قال: «بطعام؟» فقلت: نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن معه: «قوموا»، فانطلق، فانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة. فقال أبو طلحة: يا أم سليم، قد جاء رسول الله بالناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم. فقالت: الله ورسوله أعلم.
قال فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلمّي يا أم سليم ما عندك». فأتت بذلك الخبز. فأمر به ففت، وعصرت عليه أمّ سليم عكّة لها فأدمته. ثم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ما شاء الله» أن يقول ثم قال: «ائذن لعشرة» فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثمّ قال: «ائذن لعشرة...» فأكل القوم كلهم فشبعوا. والقوم ثمانون رجلاً.
وفيه عبد الرحمن بن أبي بكر: قال: كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل مع أحد منكم طعام؟» فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه، فعجن ثم جاء رجل مشرك مشعانّ طويل بغنم يسوقها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبيع أو عطية؟» أو قال: «هبة؟» لا، قال: بل بيع. فاشترى منهم شاة فصنعت. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسواد البطن فشوى. «وأيم الله، ما من ثلاثين ومائة إلا قد حزّ له حزّة من سواد بطنها. إن كان شاهداّ أعطاه إياها، وإن كان غائباً خبّأها له. ثم جعل فيها قصعتين فأكلنا أجمعون وشبعنا، وفضل في قصعتين فحملته على البعير». أو كما قال.
وفيه عائشة: قالت: توفي النبي صلى الله عليه وسلم حين شبعنا من الأسودين: التمر والماء.
قلت: رضي الله عنك! تقدم له في جملة التراجم: (باب شرب البركة) وساق قول أنس: فجعلت لا آلو ما جعلت في بطني منه، ونبّه ثم على أن شرب أنس ليس من الإكثار المكروه، لن هذا شراب خاص لبركته، فرغب فيه تبّركاً لا تكّثراً. ولم يتعرض في ترجمة الشبع هنا لهذا المعنى. فيحتمل أن شبعهم منه كان على عادتهم في الاقتصار على ما يملأ ثلث المعى. ويحتمل الشبع الذي هو الامتلاء، لأنه طعام بركة، فهو كشرب البركة. والله أعلم.

.باب: {ليس على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ ولا على المريض} إلى قوله: {لعلكم تعقلون} [النور: 61] والنهد والاجتماع على الطعام:

فيه سويد بن النعمان: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فلما كنا بالصهباء دعا النبي صلى الله عليه وسلم لطعام، فما أتى إلا بسويق. فلكناه، فأكلنا منه بماء فمضمض، ومضمضنا، وصلى بنا المغرب ولم يتوضأ. قال سفيان: سمعت منه عوداً وبدءاً. وترجم له باب السويق.
قلت: رضي الله عنك! موضع المطابقة من الترجمة وسط الآية وهو قوله: {ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتا} [النور: 61] وذكر الحديث، وهو أصل في جواز أكل المخارجة في حق الأسخياء لا السفهاء.

.باب طعام الواحد يكفى الاثنين:

فيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي الأربعة».
قلت: رضي الله عنك! إن قلت: كيف مطابقة الترجمة الحديث. ومقتضاها أن الواحد إذا قنع بنصف شبعه توفّر نصف طعامه للآخر. والحديث لا يقتضي ذلك. وإنما يقتضى أن الذي يمكنه تركه من شبعه إنما هو الثلث. وما يلزم من إمكان ترك النصف لأنه يجحف.
قلت: رضي الله عنك! قد ورد حديث بلفظ الترجمة لكنه لم يوافق شرط البخاري. فاستقرأ معناه على الجملة من هذا الحديث. ورأى أن من أمكنه ترك الثلث أمكنه ترك النصف لتقاربهما. والله أعلم.

.باب الشاة المسموطة، والكتف والجنب:

فيه قتادة: كنا نأتي أنس بن مالك، وخبّازه قائم. فما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأى رغيفاً مرقّقاً حتى لحق بالله. ولا رأى شاةً سميطاً بعينه قطّ.
فيه عمرو بن أمية: قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحتزّ من كتف شاة فأكل منها، فدعي إلى الصلاة، فقام فطرح السكين، فصلّى ولم يتوضأ.
قلت: رضي الله عنك! ظنّ الشارح أن مقصود الترجمة تحقيق أنه أكل السميط. فأورد عليه حديث أنس، أنه ما رأى سميطاً قطّ. واعتقد أن البخاري أراد ذلك وتلقاه من حزّها بالسكيّن وإنما تحزّ إذا شويت بجلدها. وجمع بينهما بأن المنفي سمط جميع الشاة، والمثبت سمط بعضها. وذلك كلّه وهم، ليس في حزّ الكتف ما يدلّ على أنها كانت مسموطة. بل إنّما حزّها لأن عادة العرب في الغالب أن لا تنضج اللحم، والشواء المهضب يتمادحون بأكله، وهو الذي لم ينضح. فلعدم نضجها احتيج إلى حزّها. والحديثان متفقان.

.باب الحلواء، والعسل:

فيه عائشة: رضي الله عنها- كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبّ الحلواء والعسل.
وفيه أبو هريرة: كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم لشبع بطني، حين لا آكل الخمير، ولا ألبس الحرير، ولا يخدمني فلان ولا فلانة وألزق بطني بالحصير، واستقرئ الرجل الآية- وهي معي- كي ينقلب بي فيطعمني. وخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ينقلب بنا ويطعمنا ما كان في بيته، حتى إن كان ليخرج إلينا العكّة ليس فيها شيء فيشقها ونلعق ما فيها.
قلت: رضي الله عنك! وجه مطابقة الترجمة لحديث أبي هريرة أنه أراد التنبيّه على أن الحلواء المذكورة ليست المعهودة الآن على وجه الإسراف، واجتماع المفردات الكثيرة. وإنما هي الحلو ولو نبيذ التمر. ويبيّن بحديث أبي هريرة خشونة العيش التي تناسب هذه الحلواء المعهودة.

.باب الرجل يتكلّف لإخوانه الطعام:

فيه أبو مسعود: كان من الأنصار رجل يقال له أبو شعيب، وكان له غلام لحام. فقال: اصنع لي طعاماً أدعو النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة فتبعهم رجلٌ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنك دعوتنا خامس خمسة، وهذا الرجل قد تبعنا، فإن شئت أذنت له، وإن شئت تركته. قال: بل أذنت له.
قلت: رضي الله عنك! ترجم لهذا الحديث بصيغة التكلّف، ولم يترجم كذلك لحديث أبي طلحة. وسرّ ذلك أنه قال لغلامه: اصنع لي طعاماً لخمسة فكانت نيّته في الأصالة التحديد، ولهذا لم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم للسادس حتى أذن له أبو شعيب. أما حديث أبي طلحة فإنه استصحب معه أمة كبيرة لم يدعها أبو طلحة، لاسترسال نيّة أبي طلحة من الأول. والمعروف أن التحديد ينافي البركة، والاسترسال يلائمه. والتحديد في الطعام حال المتكّلف. والله أعلم.

.كتاب الرّؤيا:

.باب كشف المرأة في المنام:

فيه عائشة رضي الله عنها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أريتك في المنام مرّتين، قبل أن أتزوجك إذا رجل يحملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك فأكشفها فإذا هي أنت، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه». وترجم له: (باب الحرير في المنام).
قلت: رضي الله عنك! كأن البخاري يقف على كلام من لا يوافقه كلامه- والله أعلم- فيرّد عليه بالرمز في هذه التراجم. ففي الناس من قال: «ما احتلمت قطّ إلا بولي وشاهدي عدل»- يشير إلى أنه لا يرى في المنام، إلا مثل ما يجوز في اليقظة شرعاً- وهذا غير لازم. فإن النائم يرى أمثالاً هو فيها غير مكلّف، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم رأى عائشة، وكشف عنها قبل أن يتزوج بها على سبيل التمثيل. ويحتمل أن يكون إنما رأى منها ما يجوز للخاطب أن يراه، ويكون الضمير في قوله: «فأكشفها» للسرقة. وحديث السوارين يكشف الإشكال. والله أعلم.

.باب عمود الفسطاط تحت وسادته، ودخول الجنّة في المنام:

فيه ابن عمر: رأيت في يدي سرقة من حرير، لا أهوى بها إلى مكان في الجنّة إلا طارت بي إليه. فقصصتها على حفصة، فقصّتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إن أخاك رجل صالح».
قلت: رضي الله عنك!: روى غير البخاري هذا الحديث بزيادة عمود الفسطاط ووضع ابن عمر له تحت الوسادة، ولكن لم توافق الزيادة شرطه، فدرجها في الترجمة تنبيهاً. والله أعلم.

.باب الطواف بالكعبة في المنام:

فيه ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بينا أنا نائم رأيت أني أطوف بالكعبة، فإذا رجل آدم سبط الشعر بين الرجلين ينطف رأسه ماء. فقلت: من هذا؟ فقالوا: ابن مريم. فذهبت ألتفت فإذا رجل آخر جسيم أعور العين اليمنى. فقالوا: هذا الدجال».
قلت: رضي الله عنه! ذكر الشارح أن الكعبة مثال الإمام الأعظم. ومصداق ذلك عندي، أنى رأيت قبل واقعة بغداد- حرز الله المسلمين عن مصيبتها- كأني في الحرم شرّفه الله. وكان مكان الكعبة خال منها. وكان ذلك قبل الواقعة بنحو السنّة. والله أعلم.